التقوى خير زاد
الْحَمْدُ للهِ الْمُبدئِ
الْمُعيدِ، ذِي العرشِ الْمَجيدِ، الفعَّالِ لِمَا يريدُ، أَحمدُهُ تعالَى حمداً
كثيراً طيبًا مُباركًا فيهِ كمَا يُحبُّ ويرضَى - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ
اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَمرَ عبادَهُ بالتقْوَى، وأثابَهُمْ جَنَّةَ المأوَى - وَوَعَدَ المتقينَ بزيادةِ
الحسناتِ، وعُلوِّ الدَّرجاتِ، وتكفيرِ السيئاتِ - وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا
ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ - اللهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ
علَى سيدِنَا مُحمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى
يومِ الدِّينِ. أَمَّا بعدُ : معاشر المسلمين رحمكم الله! أُوصيكُمْ ونفسِي بتقوَى
اللهِ تعالَى، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
معاشر المسلمين رحمكم الله! التقوَى وصيةُ اللهِ
تعالَى للأولينَ والآخرينَ، قالَ سبحانَهُ : (.....وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ..... (النساء:131)
وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِي أصحابَهُ
بالتقوَى فيقولُ : «عَلَيْكُمْ
بِتَقْوَى اللَّهِ» - عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ
أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ. (رواه البخاري) – إن العبد إذَا
اتقَى اللهَ أتقَنَ عملَهُ، وأحسنَ تربيةَ أولادِهِ - والتاجرُ إذَا اتقَى اللهَ صَدقَ
فِي بيعِهِ وشرائِهِ فحلَّتِ البركةُ.
وهكذَا تكونُ التقوَى خيرَ زادٍ،
قالَ تعالَى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) -
-
وتقوَى اللهِ حاجزةٌ للعبدِ عَنْ
معصيةِ اللهِ تعالَى وَوِقَايَةٌ عن غضب الله وعقابِهِ - ولَنْ ننالَ هذهِ
الوقايةَ إلاَّ بامتثالِ أوامرِهِ واجتنابِ نواهِيهِ. كما قال
الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَارًا - الآية [ التحريم : 6 ]
-
وقالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ رحمه الله : لَيْسَ تَقْوَى اللَّهِ بِصِيَامِ النِّهَارِ,وَلا
بِقَيَامِ اللَّيْلِ, وَالتَّخْلِيطِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ,وَلَكِنَّ تَقْوَى اللَّهِ
تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ,وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ.
-
فقَدْ سُئلَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ
رضيَ اللهُ عنهُ عَنْ تقوَى اللهِ فقالَ: التقوَى أنْ يُطاعَ اللهُ فلاَ
يُعصَى، وأنْ يُذكَرَ فلاَ يُنْسَى، وأنْ يُشْكَرَ فلاَ يُكْفَرُ
-
ومن طُرق المؤدية الى تحصيلِ
التقوَى هيَ :
-
مراقبة الله فِي كُلِّ حركةٍ
وسُكونٍ. قال الله تعالى: "وَهُوَ مَعَكم أَيْنَما
كُنْتُم" الحديد: 4 -"إنَّ الله لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأَرْضِ
وَلا في السَّمَاءِ" آل عمران: 6 - " يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ
وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ " غافر: 19
-
الورعُ وترْكُ الشبهاتِ، ولذلكَ
قالَ صلى الله عليه وسلم :« لاَ يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ
الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لاَ بَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ».
-
الصدقُ كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ
وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ (رواه مسلم)
معاشر المسلمين رحمكم الله! : فضيلة التقوى كثيرةً منْهَا : (وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) – ومنْهَا: (وَمَنْ يَتَّقِ
اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)-
ومنْهَا : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا
عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) - ومنْهَا : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ
سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) - ومنْهَا
: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ومنْهَا
: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ).كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ
مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ قَالَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ. (رواه ابن ماجه)
بارَكَ اللهُ لِي ولكُمْ فِي
القرآنِ العظيمِ ونفعَنِي وإياكُمْ بِمَا فيهِ مِنَ الآياتِ والذِّكْرِ الحكيمِ
وبِسُنَّةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ
اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا
مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ
عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ
وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي
بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ
وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَ التَّقْوَى سبَبُ كُلِ خَيرٍ، ومِفتاحُ كُلِ
فَضلٍ، قال الله تبارك وتعالى يَقُولُ وَبِقَوْلِهِ يَهْتَدِى الْمُهْتَدُوْنَ :
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا
كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف :96)
عباد الله! إن الله أمرنا بالصلاة والسلام عَلَى نبينا محمد
صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ
وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ : أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ الصَّحَابِةِ الأَكْرَمِينَ،
وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء
منهم والأموات- اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا التقْوَى والإِنَابَةَ إليكَ - وَالرَّجَاءَ لَكَ -
وَالثِّقَةَ بِكَ - وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْكَ - رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ
حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
.عِبَادَ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ
وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ ]وَأَقِمِ
الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ[.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar